أسامه أبوالعنين
«أبوشقة»: ثورة 1919 لا مثيل لها في تاريخ الثورات
سعد زغلول أقام أول مواجهة مع الاحتلال عام 1918
المصريون جمعوا التوكيلات للزعيم للمطالبة بالاستقلال
من ثمار الثورة إلغاء الحماية البريطانية وإعلان استقلال مصر والانفصال عن تركيا
أعلن المستشار بهاء الدين أبوشقة، رئيس حزب الوفد، فى بداية المئوية الثانية لتأسيس حزب الوفد وثورة 1919، أن هذه الثورة لامثيل ولا نظير لها فى تاريخ الثورات الشعبية فى العالم.وقال «أبوشقة» إن هذه الثورة أسست للدولة المصرية وتظل هذه الثورة الأم، وما جاء بعدها فروعاً وأحداثاً كبرى لها كل التقدير.وأشار “أبوشقة” إلى أن هذه الثورة شارك فيها المصريون جميعاً، البشوات وأصحاب الجلاليب الزرقاء، العمال والفلاحون أصحاب الحرف، الشباب والشيوخ، والمرأة المصرية لأول مرة تشارك فى الثورة، القس سرجايوس يخطب فى الأزهر والشيخ دراز يخطب في الكنيسة، وكان شعار الهلال الذى يحتضن الصليب، وكانت الحناجر تعلن: “يحيى الهلال مع الصليب”، المرأة المصرية شاركت فى المظاهرات لأول مرة، وسقط منها شهيدات وجرحى، وعلى رأسهن أول شهيدة شفيقة محمد، ومع ذلك واصلنا الكفاح صوتاً واحداً لشعب أبى عظيم.وقال “أبوشقة” بإيجاز شديد بدأت الأحداث فى 18 ديسمبر سنة 1914 حين أعلنت بريطانيا الحماية البريطانية على مصر، فى أعقاب ذلك وإبان الحرب العالمية الأولى عانى المصريون سلسلة طويلة من الأعمال المجحفة التى ارتكبها المحتل فى ذلك الوقت لخدمة الجيش البريطانى، حيث بلغ عدد الذين عملوا فى خدمة بريطانيا مليوناً ونصف المليون مصرى، كان يتم انتزاعهم من بين أهلهم، ثم يطلق عليهم متطوعون لخدمة جيش الاحتلال.ذا فضلاً عما عانته مصر لتوفير الحبوب والمؤن الغذائية لإطعام جيوش الحلفاء وغير ذلك ما لا مجال لحصره، وكانت مبادئ الرئيس ويلسون التى أعلنها فى 8 يناير سنة 1919 فى خطبة له فى الكونجرس محدداً فيها مبادئه الأربعة عشر التى وصفها بأنها البرنامج الوحيد لإقرار السلام، أملاً للمصريين.فقد كان من أهم هذه المبادئ: حق الشعوب فى تقرير مصيرها، وتحرير الشعوب العربية الخاضعة لسيادة تركيا، ومنحها الاستقلال، وإنشاء عصيبة الأمم لحل المشكلات الدولية بالعدل والسلام.وقال “أبوشقة” فى يوم 13 من نوفمبر سنة 1918 الذى مازال يوماً تاريخياً للمصريين هو عيد الجهاد الوطنى، توجه الزعيم سعد زغلول باشا، ومعه كل من عبدالعزيز فهمى بيه وعلى شعراوى باشا، إلى دار الحماية البريطانية لمقابلة السير ريجنالد ونجت، المندوب السامى البريطانى، للمطالبة بالاستقلال وتنفيذ هذا الوعد، وكانت المواجهة التى اتسمت بالاستعلاء والتهكم، قائلًا لهم: بأى حق وبأى صفة تتحدثون باسم الشعب المصرى، وكانت بداية الثورة التى انطلقت حيث جمع المصريون ثلاثة ملايين توكيل من كل ربوع مصر فى وقت كان عدد السكان فيه 11 مليون نسمة بتفويض الزعيم سعد زغلول فى أن يكون اللسان الناطق بالإرادة الحقيقية للشعب المصرى، وأمام صلابة المصريين وإصرارهم على مطالبهم والتفافهم حول الزعيم سعد زغلول.وأوضح “أبوشقة” أن الشعب ردد فى صوت عريق واحد سيمفونية نموت نموت وتحيا مصر، الاستقلال التام أو الموت الزؤام، ومقولة الزعيم الخالدة “الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة” التى رسخت لمبدأ الأمة مصدر السلطات، واستمر الكفاح إلى أن رضخ المستعمر لهذه الإرادة الصلبة التى لا تنكسر.وقال “أبوشقة”،كان من ثمار الثورة بيان 28 فبراير 1922، الذى ألغيت فيه الحماية البريطانية عن مصر، وصارت دولة مستقلة ذات سيادة، وإعلان انفصال مصر عن تركيا؛ ليعلن الأمير أحمد فؤاد ملكاً على مصر، وكذلك إعلان دستور 1923 الذى أسس لنهضة البرلمان، ويمكن الرجوع إلى مضابط مجلس النواب والشيوخ التى تؤكد عظمة المصريين فى ذلك الوقت، وتحرير المرأة المصرية، وكان من روادها أم المصريين صفية زغلول الأم الروحية للنساء، وهدى شعراوى، وأول نقابة عمالية فى مصر أنشئت فى عهد وزارة سعد زغلول سنة 1924 بقيادة عبدالعزيز فهمى، وكنا أمام وطنيين أمثال طلعت حرب.. بنك مصر واستوديو مصر، وهذا على سبيل المثال لا الحصر، كنا أمام نهضة فنية وأدبية وثقافية وفكرية، مثل سيد درويش ومحمود مختار والعقاد وطه حسين وغيرهم، شباب شاركوا فى الثورة، وأصبحوا فيما بعد رؤساء وزارات وقادة أمثال محمود فهمي النقراشي وأحمد ماهر وإبراهيم عبدالهادى، لأن ثورة 19 ثورة شعب أسست لدولة لم تتوقف مسيرتها بوفاة الزعيم سعد زغلول سنة 1927، فقد حمل لواء الكفاح وواصل المسيرة الزعيم مصطفى النحاس، وكانت معاهدة 1936 التى أبرمها وانحصرت فيها قوات الاحتلال فى مدن القناة، وكل القوانين التى أسست لصالح العمال والفلاحين صدرت فى ظل حكومات الوفد التى كانت تأتى بأغلبية ساحقة.واستمر كفاح حزب الوفد عندما عاد إلى الحكم فى يناير 1950 بأغلبية ساحقة، وكان إلغاء معاهدة 1936 مرحلة جديدة من الكفاح المسلح، ويوم 25 يناير الذى أصبح عيداً للشرطة، وأصبح فى ضمير العالم وعيون الشعب رمزاً لإرادة أمة وكفاح شعب، وزعامة زعيم، وتم إلغاء الأحزاب عام 1953 وعندما أعادها الرئيس السادات إلى الساحة السياسية كان الزعيم الثالث للوفد فؤاد باشا سراج الدين، عاد الوفد إلى الساحة السياسية عام 1978 قوياً راسخاً حامياً لمبادئه ومثله وتقاليده ومواقفه فهو ضمير الأمة، ولم تقف مسيرة ثورة 19 ومسيرة الوفد الابن الشرعي لها بعد وفاة الزعيم فؤاد سراج الدين عام 2000.وأكد “أبوشقة” أن حزب الوفد بعد ذلك كان ومازال وسيكون عند مبادئه التى دافع عنها طيلة مائة عام مضت.