الوضع الذي تعيشة مصر الآن يعد محيراً بكل المقاييس، ويخلق حالة من التساؤلات بين جميع أطراف المجتمع، بعض هذه التساؤلات تنطلق من مبدأ الحرص علي المشاركة وخلق دور إيجابي في مرحلة التغيير والتطور التى يعيشها الوطن الآن. بينما تأتي تساؤلات اخرى مفادها التشكيك والتقليل مما يحدث، وليس هذا فحسب، بل تستهدف الإسقاط السلبي الهادف إلي تقويض الثقة في مؤسسات الدولة. بينما تبرز تساؤلات أخري مبعثها اليأس وعدم القدرة علي تحديد ملامح الطريق نتيجة لعدم الفهم الكافي لما يقع من أحداث، وفي حقيقه الأمر المتابع لما يدور في مصر الآن، والمحلل للاجراءات والقرارات الراهنة من حقه أن يشعر بالدهشة. حيث انفردت (حق المواطن ) بأول لقاء صحفي لدكتور خالد عمر رحومة مدرس الاقتصاد بكلية التجارة جامعة دمنهور، من أجل وضع النقاط علي الحروف للعديد من الاستفسارات ولفهم وتحليل الخلفيات والسياسات والاجراءات التي تتخذها السلطة التنفذية، ولأن هذه القرارات والسياسات تنعكس في المقام الأول علي المواطن المصري كان لابد أن نوضح طبيعة السياسات التي تتخذها الدولة خلال هذه المرحلة، وكانت أهم التساؤلات التي تشغل المواطنين س: هل كانت سياسات الإصلاح الاقتصادي علي النحو المنتظر ؟ ج: أكد رحومة أنه للإجابة علي هذا السؤال ينبغي علينا الرجوع الي الحقب الزمنية السابقة للإصلاح الاقتصادي فقد تراكمت مشكلات مصر لعقود طويلة من الزمن نتيجة الخوف من المواجهه فكان دائما الخوف من الاستياء الشعبي هو المحرك الأساسي لصناع القرار فلم توجد حكومة سابقة امتلكت الجرأة الكافية لمواجهه المشكلات كما يحدث الان، فمنذ قرار تعويم سعر الصرف والحكومة تتبع خطوات إصلاحية من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي الذي تخطي حاليا 5% وهذا الأمر ليس من باب الكماليات ولكنة ضروره في ظل معدل نمو سكاني 2.5% فلكي يشعر المواطن بثمار النمو الحقيقية لابد أن يكون النمو الاقتصادي ضعف النمو السكاني علي الأقل وهو ما تحقق بالفعل في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي كم أن الإصلاح الاقتصادي حاليا قد أمتد ليحقق طفره في العديد من القطاعات علي نحو غير مسبوق، وفيما يخص عجز الموازنة العامة فيلحظ أنه يتخذ اتجاه نزولي كما انخفض عجز الميزان التجارى ولعل السبب في ذلك السياسات الإصلاحية في سوق الصرف الأجنبي والتي خلقت مزايا تنافسية للعديد من المنتجات المصرية للتسويق في السوق المحلي والاحلال محل الواردات او التصدير، أما فيما يتعلق بالمشروعات القومية التي تم إنجازها فلقد حققت مصر إنجازات ضخمة في مشروعات الطاقة الكهربائية بما حقق وفره أتاحت المجال لتصدير الطاقة الكهربائية بعد ان كانت تعاني بعض المناطق من انقطاعات مستمرة في الكهرباء وقد عزز هذا الوفر ماتم إنجازه من محطات جديدة ودخولها الخدمة بالإضافة لمشروعات توليد الطاقة بالرياح ومشروعات الطاقة الشمسية العملاقة في جنوب مصر. وأضاف رحومة مشروعات توليد الطاقة بالاعتماد علي مصادر الطاقة النووية بالضبعة. وفيما يتعلق بالمدن الجديده التي من أهمها العاصمة الإدارية والعلمين والتي تصنف من أذكى المدن في العالم فقد أكد رحومه علي أنها لم تمول بجنيه واحد من الموازنة العامة للدولة بل من خلال خلق قيمة اقتصادية لأراضي لم تكن مستغلة، وأشار إلي أن هذه المدن تعتبر ضروره ملحة في ظل الكثافة السكانية بالمدن القديمة. كما أنها تتيح التوسع في خلق فرص العمل والتوظف، وإذا أشرنا إلى أهم المؤشرات الاقتصادية دوليا ومحليا فلا يمكن ان نغفل أن تدفقات الشرائح الخاصة بصندوق النقد الدولي دلالة علي الثقة في قدرة الاقتصاد المصري علي الوفاء بإلتزاماته وهو الأمر الذي تسبب في زيادة التصنيف الائتماني وتحسين مؤشرات تصنيفه، وهو مايعد حافزا كبيرا لتدفق الإستثمار الأجنبي في مصر. س: هل هناك تحديات خارجية يواجهها الاقتصاد المصري خلال الفترة الحالية؟ ج: التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري هي ظروف خارجة عن إرادته ناتجة عن الاقتصاد الدولي والحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الامريكية والتي يرى الخبراء أنها ستقود لأزمة عالمية في المستقبل، ولكن الجانب المشرق أن الخروج من الأزمة ستقوده حالة ازدهار للشرق الأوسط وأفريقيا وذلك لأسباب عديدة، منها أن القارة السمراء غنية بالموارد الطبيعية وأن كافة مشروعاتها في الجانب الحقيقي وليس النقدي خاصة في قطاع البنية الأساسية فضلا عن الدور الذي تلعبه مصر كبوابة أوربا لأفريقيا والذي يتزامن مع رئاسة مصر للإتحاد الأفريقي وعقد مؤتمر يضم قادة أوروبا وأفريقيا ويعتبر من أعظم الإنجازات في مجال السياسة الخارجية في تاريخ مصر. س: ماذا عن الإجراءات المناسبة للتصدي لهذه التحديات والنجاح وجذب الإستثمار؟ ج: أكد رحومة ان مواجهة التحدي خارجيا تتم من خلال تعزيز علاقات مصر الخارجية وهو ما نلمي أثره في الزيارات المستمرة واللقاءات التي يعقدها الرئيس عبد الفتاح السيسي لزيادة التعاون الاقتصادي والأمني والعسكري وخروج مصر من عباءة القطب الواحد، والتي تتمثل في إعادة دور مصر القيادي في القارة الأفريقية والذي أهمل لعقود طويلة عن قصد أو بغير قصد، كما أضاف ذلك تعزيزاً لمكانة مصر دوليا في القارة الأوربية باللقاءات التي لم تنقطع. س: ماهو الحل الجذري من وجهة نظرك لحل مشكلة البطالة؟ ج: أشار رحومة ان نسبه البطالة في مصر تبلغ حوالي 9% أي يوجد حوالي 3.5 مليون عاطل وأن الدولة تسعي لحل هذه المشكلة فتوفر الدولة سنويا 700 ألف فرصة عمل في حين يبلغ خريجي الجامعات حوالي 500 ألف، أي أن الدولة توفر سنويا نحو 200 ألف فرصة للشباب العاطلين عن العمل منذ القدم. كما أكد أن الحل السليم من هذه المشكلة هو التوجه نحو العمل الحر وريادة الأعمال وهو ماتوليه الدول عناية فائقة من خلال كافة وزاراتها وأجهزتها. س: وضح لنا ماهي السياسات التي تتبناها الدولة للنهوض بالاقتصاد المصري؟ ج: إن الدولة تعمل علي توفير مشروعات البنية الأساسية والتي تعتبر أساس الاستثمار الحقيقي فلن يقدم مستثمر محلي أو أجنبي علي الاستثمار مالم تتوفر شبكات الطرق ومحطات الطاقة ومشروعات الصرف والتي تعتبر من مقومات أي استثمار. في الوقت الحالي تشهد قطاعات البنية الأساسية طفرة كبيرة في الاقتصاد المصرى، وهو ما يدفعنا للقول أن ماتم استثمارة في البنية الأساسية في سنوات قليلة يفوق ماتم في الأربعين سنة الماضية. س: ما أسباب الإنخفاض الأخير في سعر الدولار أمام الجنيه المصري؟ ج: إن السبب في هذا الانخفاض معزز بصادرات مصر من الغاز، وانخفاض الواردات السلعية من المنتجات غير البترولية، بالإضافة إلى التدفقات القادمة من الخارج، وواردات قناة السويس، والشريحة الأخيرة من صندوق النقد الدولي أدى كل ذلك إلى هذا الانخفاض. س: كيف نسدد ديون مصر؟ ج: تم بالفعل تسديد جزء كبير من ديون مصر الفترة السابقة وحدث انخفاض في نسبة الدين العام والمخطط في هذا العام ان تصل الي 98% بعد أن كانت 108% في العام الماضي وهي ليست بالمعدلات الخطيرة عالميا فبعض الدول الاوربية تتخطي نسبة الدين 140% والمطمئن أن أغلب الدين العام دين محلي. وفي نهاية الحوار وجهه دكتور رحومة مجموعه من النصائح لجميع طلابه بأن يجتهدوا في دراستهم ويسعوا لتحقيق أقصي النتائج لمستقبلهم والحصول علي المعلومات من مصادرها الرسمية وعدم الانسياق وراء الشائعات التي تروج عبر مواقع التواصل الإجتماعي.