نواصل الحديث عن قانون العقوبات قبل أن نطوى هذه الصفحة لننتقل إلى صفحة أخرى من صفحات الملف المطروح بشأن المراجعة التشريعية المطلوبة بلوغاً إلى الإصلاح القضائى المنشود، وقد آثرت أن يكون حديثى متصلاً بما يسمى بالجرائم الماسة بالأخلاق، وقد يبدو من المستغرب بل من المؤسف فى بلد إسلامى ينص دستوره فى مادته الثانية على أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع أن نجد أشكالاً من العلاقات الآثمة والمحرمة فى كل شرع وملة- وليس فى الشريعة الإسلامية فحسب- ورغم هذا يقف منها المشرع موقف السلب بل- وليس من قبيل التجاوز القول- إن تلك العلاقات والأشكال الآثمة تنعطف عليها مظلة الحماية الجنائية بحيث تبقى بمنأى عن كل تجريم أو تأثيم. وأول ما يصدم النظر فى هذا الجانب أن علاقة الزنا بين رجل غير متزوج وامرأة غير متزوجة تجاوزت الثمانية عشر عاماً لا يستطيع أن يمتد إليها سيف قانون العقوبات أو سلطانه لأن نصوصه تقصر عن تجريم تلك العلاقة المشينة وغير المشروعة. ذلك أن نصوص قانون العقوبات التى تعنى بتجريم الزنا لا تعرف سوى صورتين، الأولى: هى جريمة الزوج والثانية هى جريمة الزوجة، كما أن قانون العقوبات حينما جرم مواقعة الانثى بغير رضاها فى المادة 267 أوجب لاكتمال أركان تلك الجريمة أن يكون فعل المواقعة كرهاً عن المرأة، أى أن تكون مجبرة عليه غير راضية به، وكذلك الحال فإن جريمتى هتك العرض المؤثمتين فى المادتين 268، 269 عقوبات سواء بوصف الجنحة أو بوصف الجناية بظروفها المشددة المختلفة تفترضان فى أدنى صور التجريم منهما ولو كان هتك العرض بالرضا أن المجنى عليها لم تبلغ سن ثمانى عشرة سنة كاملة. ولازم ذلك ومقتضاه من هذه النصوص جميعها أنها أفرزت فى الواقع العملى صورة مشينة يقف قانون العقوبات عاجزاً أمامها وهى العلاقة الآثمة بين رجل غير متزوج وامرأة غير متزوجة جاوزت الثمانية عشر عاماً. «وللحديث بقية»
تسجيل الدخول
تسجيل الدخول
استعادة كلمة المرور الخاصة بك.
كلمة المرور سترسل إليك بالبريد الإلكتروني.