لا يزال الحديث مستمرًا عن تحقيق العدالة الناجزة. وهذا يستوجب حق المتهم فى محاكمة سريعة، تستهدف وضع نهاية سريعة للمحاكمات دون إخلال بالضمانات التى تقتضيها العدالة وكفالة حق الدفاع.. وقد تحدثنا عن أنه فى سبيل تحقيق هذا الهدف وهو العدالة الناجزة والتى باتت مطلبًا ملحًا وعاجلًا لأن النصوص الإجرائية المنظمة بإجراءات التقاضى باتت فى وادٍ والحاجة الملحة إلى تحقيق المحاكمات العادلة والمنصفة فى وادٍ آخر.
واقترحنا فى حديث سابق إلغاء الأحكام الغيابية فى الجنايات بما أسفر عنه التطبيق العملى لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية من نتائج صادمة للعدالة وقد عرضنا ذلك تفصيلًا فيما سبق وأوردنا أمثلة عملية وواقعية تأكيدًا لذلك.
وانتهينا إلى أن الملاذ هو إلغاء هذا النص واستبداله بنصوص تنظيم المحاكمة الجنائية للمتهم بجناية أمام محكمة الجنايات على نحو يكفل الحضور بتوكيل عن المتهم الغائب بما تكون معه الأحكام حضوريًا.
وتحدثنا أيضًا فى سبيل تحقيق العدالة الناجزة واختصارًا لوقت المحاكمة وحتى نكون أمام قضية جاهزة وصالحة للفصل فيها أمام محكمة الجنايات عن ضرورة عودة قاضى الإحالة وأوردنا ما نراه من تحديد لاختصاصه على نحو يحقق الهدف المنشود وهو الفصل بين سلطة التحقيق والإحالة وأن يهيئ قاضى الإحالة الدعوى لتكون جاهزة للفصل فيها فور اتصال محكمة الجنايات بها دونما حاجة إلى معاودة هذا التحقيق أمام تلك المحكمة والذى قد يستغرق مددًا طويلة، نظرًا لأن محكمة الجنايات محكومة بدور انعقاد تتحدد أيامه كل شهر.
كما أنه وفقًا للمادة 294 من قانون الإجراءات الجنائية فإنه بمجرد اتصال محكمة الجنايات بالدعوى فإن أى إجراء من إجراءات التحقيق، ومنها المعاينات التصويرية على سبيل المثال، يتعين لتحقيق دفاع المتهم أو إذا رأت المحكمة إظهارًا لوجه الحق فى الدعوى تحقيقه يكون فى كثير من الأحوال متعذرًا ومرهقًا إن لم يكن مستحيلًا، إذ يمتنع على محكمة الجنايات أن تنتدب النيابة لتحقيق هذا الدفاع أو غيره بعد أن دخلت القضية فى حوزتها.
.. و«للحديث بقية»