ربما لا يعلو صوت على صوت معركة "مصنع الحديد والصلب" الجارية فى مصر هذه الأيام ، فهى ليست مجرد خلاف على مصير شركة عامة قرروا تصفيتها ، وبدعاوى سخيفة عن نزيف خسائرمصنوع ، بل كان قرار التصفية الكارثى استدعاء لحروب سياسة كاملة الأوصاف ، فارتباط المصنع باسم القائد العظيم جمال عبد الناصر ، جعلها حرب مصير وطنى ، وتأسيس المصنع عام 1954 بالاكتتاب العام ، أعطاها عمقا شعبيا ، والامتياز الفريد للمصنع التاريخى المقام على 2500 فدان فى منطقة "التبين" بحلوان ، وكونه منشأة عملاقة ، تضم إلى جوار المصنع مدينة سكنية للعمال ، وبنية أساسية كبرى ، ممتدة بشبكة سكك حديدية خاصة إلى مناجم حديد أسوان فى الجنوب ، وإلى خامات "الواحات" غربا ، والتواصل المباشر شمالا مع ميناء "الدخيلة" غرب الاسكندرية ، وكما لو كانت الصورة خريطة مختصرة لجغرافيا مصر كلها ، وفى قلبها المصنع الذى كان قفزة هائلة فى زمانه ، يومئ إلى الحلم بمصر جديدة إنتاجية مقتحمة لصناعات العصر الثقيلة ، وفى توقيت توازى مع ملاحم تأميم قناة السويس وبناء السد العالى والكهربة الشاملة للريف المصرى ، تعززت بعدها بدور القلعة الصناعية الجوهرى فى دعم التنمية المستقلة وحرب الاستنزاف وبناء حائط الصواريخ وصولا إلى حرب أكتوبر 1973 .
اخبار مشابهة