كتبت: آيه محمد عصام الابشيهي
كما اصطفي الله سبحانه و تعالي خير الخلق اجمعين محمد صلي الله عليه وسلم لتبليغ رسالته الي العالم، اصطفي في شهر رمضان الكريم، تحديداً في الايام العشر الاواخر الفردية لهذا الشهر، ليله تكون خير الايام وقد سُميت بليله القدر وهي من اكثر الليالي التي تتنزل بها الرحمات و المغفرة، كما جاء في القرآن الكريم: {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ}، وهي من اهم الليالي التي يقوم المسلمون بأداء شعائر دينيه بها، وذلك طمعاً في نيل المغفرة و الغفران من الله سبحانه و تعالي.
و قد تعددت الاسباب التي قيل انه بسببها قد سميت هذه الليلة المباركة بليله القدر، منها: ان القدر يعني الشرف و الرفعة، ايضا ان في هذه الليلة تقدر بها الأقدار للخلق اي انه يحدد بها اقدار العباد، ولكن مهما تعددت الاسباب فالمتفق عليه ان هذه الليلة هي ليله مباركه و مُعظمه خُصصت بالعديد من المِنح المباركة التي يسعي لنيلها العباد، تتنزل بها الملائكة الي الارض بالرحمات حتي بزوغ فجر هذه الليلة، فتَهبها بأمر من الله لعباده المتقين و قد قيل ان الارض تملئ بالملائكة حتي تضيق، وذلك تعبيراً عن كثرتهم ولعل لذلك اطلق عليها القدر و هي من احد معانيها “التضييق” فتشير الي امتلاء الارض بالملائكة و الرحمة بأمر من الله لعباده.
وقد ذكر انه لهذه الليلة المباركة العديد من العلامات، كثير منها يستشرها قلوب المتقين، ومنها الطمأنينة و الراحة التي تستشرها القلوب و ايضا الرياح الهادئة و النسيم العليل و كذلك خروج الشمس في صبيحتها بدون شعاع، و اكثر من هذه العلامات كلها تكون تقديراً لهذه الليلة المباركة التي ينتظرها العباد بكثير من الخشوع و التدبير، ذلك لأن العمل والثواب بها هو خير من العمل لألف شهر وذلك في قول الله تعالي:{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، ولذلك فيبذل المؤمنون كل طاقتهم للعمل الصالح وقراءه القرآن والتدبر في خلق الله، عملاً بقول رسوله الكريم “من قامَ ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدَّم من ذنبه”.
لعل الله سبحانه وتعالي قد قدر هذه الليلة في اواخر شهر رمضان الكريم لتكون فرصه لمن لم يغتنم الشهر من بدايته، و لعل الله قد اخفاها في هذه الايام و لم يحددها ليجعل هذه الايام المباركة قبل اختتام الشهر الكريم، هي اكثر الايام سعياً وإيماناً للمؤمنين لتجدد لهم إيمانهم و طاقتهم، وتبعث فيهم روح التقوي و التوبة، التي لا يغلق الله ابدا بابها، بل هو دائماً مفتوح علي مصرعيه ليقبل بك و لعل ليله القدر احد اهم الأدلة علي ان الله يتيح العفو والمغفرة في كل وقت، نسأل الله ان يرزقنا القيام والقبول والمغفرة برحمته و كرمه.