وباء كورونا بين : الهلع والسخرية ونظرية المؤامرة والرضا بقضاء الله
بقلم دكتور : عصام كمال المصري
مواقف متباينة لمواجهة وباء فيروس كورونا بين الرعب والسخرية ونظرية المؤامرة والرضا بقضاء الله فبينما تنتقل عدوى رعب فيروس كورونا عبر العالم ، وتتسع المخاوف العالمية مع تزايد الإصابات وتقارير عن تحور الفيروس، انتقل الفيروس بين دول العالم كالنار في الهشيم، الأمر الذي دفع دولاً كثيرة لفرض إجراءات وقائية تخفف من احتمالات انتشار الفيروس، ومنها وقف المدارس والجامعات.
أما عن حالة الرعب والهلع فقد تأكد للجميع أنه ليس مجرد فقاعة أُطلقت لغرض معين, بل إنها أصبحت رعباً دخل كل بيت في أنحاء العالم، حيث بلغت آثارها في الأرواح مستويات غير مسبوقة هوت بالاقتصاد العالمي وحرمت الملايين من الخروج من منازلهم خوفًا من انتشار العدوى وإلحاق الضرر بالأقربين فيروس كورونا كشف الغطاء عن تراخي الإنسان في كل مكان، وخاصة الدول التي كان يعوّل على أنها أشد عناية بحياة الإنسان والأكثر حرصا على أخذ كل الاحتياطات الصحية ومستلزماتها لمواجهة التحديات المفاجئة أياً كانت ومما يضاعف من حالة الرعب، انتشار الشائعات وتضارب الأنباء حول احتمالات التوصل إلى علاج أو لقاحات وأمصال يمكنها مواجهة الفيروس .
أما عن حالة السخرية والتهوين فالعالم قلق من فيروس كورونا.. و« السوشيال ميديا » تتعامل مع الوباء بسخرية , ولا يليق بأي حال من الأحوال أن تكون أخلاق الناس عند الابتلاء والشدائد السخرية والاستهزاء بل مما ينبغي لفت الأنظار إليه أن ما تدعو إليه منظمة الصحة العالمية وغيرها من وزارات الصحة في دول العالم للتعامل مع هذا الوباء والمرض من إرشادات وما شابهها من إجراءات احترازية ، وتعاليم وقائية ليس بدعًا من الدين ولا خروجًا عن العقل حتى نسخر منه , فقد فاقت الخسائر حدود السخرية والاستهزاء . فالأمر جلل ولابد من المواجهة دون إفراط أو تفريط ….
أما عن نظرية المؤامرة فقد تزايدت جراء تزايد الإصابات والوفيات فظهرت اتهامات بوجود أصابع خفية ربما تكون وراء الفيروس ، واعتبار تفشى فيروس كورونا «حرب بيولوجية»، تشنها الولايات المتحدة الأمريكية ضد منافسيها وخصومها روسيا والصين . إن بعض نظريات المؤامرة هذه بدت مدفوعة بعدد من الروايات، بعضها منسوب إلى جامعات ومراكز علمية في إشارة إلى تقارير اتهمت الخفافيش والأطعمة الصينية بأنها وراء ظهور وتحور الفيروس .
أما عن وجهة النظر الأخيرة فتراه أمر من الله لابد من الرضا به, فالدين يقوي المناعة الإيمانية لدى أتباعه وله أثر إيجابي في استمرار الحياة، وليس الاستباق إلى النهاية.
فالعالم اليوم بحاجة ماسة لمن يقدم إليه مضادات حيوية من إكسير الحياة، وليس زرع اليأس والقنوط في مثل وضعه الذي يشترك فيه الجميع بلا فوارق مصطنعة غير أن الله قد قضي بالأخذ بالأسباب والعلم ومواجهة الداء بالدواء .
وهنا يبقي الوباء, وتبقي طرق المواجهة إما بالهلع أو السخرية أو نظرية المؤامرة أو الرضا بقضاء الله غير أن الذي لا جدال فيه أن هذا الوباء استوقف الجميع ليراجع كل منا نفسه ويعيد حساباته دولا وأشخاص, وعلينا أن نفيق من غفلتنا ولهونا، وإلا فسنستيقظ على ويل شديد، إنه وباء يصيب الله به من يشاء ويصرفه عمّن يشاء، فاللهم اصرفه عن بيوتنا وعن بلادنا وبلاد المسلمين، وأدم علينا نعمة الصحة والعافية وأحفظ بفضلك وكرمك مصرنا الحبيبة من كل مكروه وسوء اللهم آمين.